أساسيات تعليم اللغة العربية
السلام عليكم السادة والسيدات معلمي ومعلمات اللغة العربية حول العالم. كيف أحوالكم؟ أرجو أن تكونوا جميعا بخير.
ما أود مناقشته معكم اليوم، حول الضروريات التي يجب أن يتسلح بها معلم اللغة العربية للأجنب أو الناطقين بغيرها من اللغات.
إن أول الأمور بطبيعة الحال التمكن من اللغة العربية بمستوياتها المختلفة صوتيا وصرفيا وتركيبيا ومعجميا ودلاليا، لذلك فإن المختص فيها أنجح مدرس لها، وغير المختص يلزمه الاجتهاد،
وثاني الأمور معرفة هدف الطالب من دراسة العربية، لأن هذا الهدف بالذات هو الربان في الرحلة كي لا تتوه عن مقصدها، وأهم الأمور كذلك معرفة أي عربية يروم الطالب تعلمها أهي الفصيحة المتحررة عن أي لهجة، وتلك قواعدها بينة منذ زمن سيبويه وقبله بالسليقة والفطرة، وأما اللهجات الحالية المعاصرة فأمرها معقد للطالب ويسير للمعلم إذ يعلم ما يتقن في الأصل منذ عهد طفولته، لكن ما يكره هنا هو نسيان أو تناسي الفصل بين النسقين على ما بينهما من مسافات ومسافات، وهنا أحب أن أذكر السادة من المشرق العربي أن ذلك تنطق بحرف الذال، وأن الجمل بالجيم، وأن اللغة العربية الفصيحة بريئة من الكثير مما حاولتم تفصيحه بالعادة والاستعمال، وذكروا أنفسكم دوما أن الفصيحة تجمع العالم وأنها للجميع، وعلموها خالصة من كل عامياتكم، لكن لو أحب أحد الطلاب تعلم اللهجة المصرية مثلا فذاك أمر واضح، وكذلك السادة من المغرب العربي والذين يجب عليهم دون خلاف أن يخبروا متعلم لهجاتهم أنها خليط حضاري من لغات مبررة الحضور في نسقهم العامي، وهذا فقط لمن يتعلم اللهجة ومثل ذلك من يتعلم الدارجة المغربية وتخبره أن هذه كلمة أصلها أمازيغي وهذه أصلها فرنسي وغيرها من المعلومات التاريخية التي لا تفصل عن اللغة والثقافة... أما من يتعلم الفصيحة فنفس الأمر يستهدف تعلمه بنفس الفصاحة والبيان والأمانة في تبليغ الأصوات سواء كنت خريج الأزهر الشريف، أو خريج جامعة القرويين العتيقة، أو كنت من أهل مكة.
وبعد هذا لا يفوتني أن أشير إلى أن اللغات عيون مفتوحة حول العالم، وتعلمك للغة جديدة يعني أنك رزقت عين جديدة لرؤية عالم مختلف، سواء أأتقنتها كي تتضح رؤيتك وتفهم أو كنت مبتدئا وأنت تتطور رويدا رويدا. وهنا أوجه القول للمعلم أو المعلمة بالذات فأنت لا يمكن أن تعلم بعين واحدة وبلسان واحد تتقنه وهو بذاته الذي تعلمه، فأين اللغة الوسيطة حين يغيب الفهم والإفهام خاصة مع الطلبة في مستويات أولى. فعليك بتعلم اللغات الأجنيبية، بل وإتقانها، وما أجمل المعلم المتعلم، والعالم الطالب.
تحياتي لكم جميعا، أود حقا أن أطلع على ردودكم حول ما كتبت، عن ملاحظة متريثة لحال المعلمين، وفي تطبيق واقعي ضمن خبرة متواضعة مع طلاب وطالبات أجانب حول العالم.
كانت معكم الأستاذة مارية
٢٨ تموز يوليو ٢٠٢٠